شرح نص “في بيونس آيريس” لصلاح حزين
تغطي مساحة 200كم²، بينما تمتد منطقتها الحضرية لمساحة 3,630كم². وتقل ناطحات السحاب في بوينس أيريس حتى في مركزها التجاري. وتمنح الشوارع الفسيحة والمتنزهات والساحات العديدة المدينة إحساسا بالاتساع والهدوء. تقع ساحة بلازا دي مايو في قلب بوينس أيريس، بينما يقع كازا روسادا (القصر الوردي) الذي يضم مكتب رئيس الأرجنتين في الطرف الشرقي من الساحة. ويمتد شارع عريض يسمى أفيندا دي مايو غربًا إلى مبنى الكونجرس. ويقع الحي التجاري الرئيسي مباشرة شمالي وغربي ساحة بلازا دي مايو، ويمتد شارع أفينيدا 9 دي خوليو، وهو أعرض شارع في العالم، من الشمال إلى الجنوب عبر هذا الحي. ويبلغ عرض هذا الشارع 130مترًا. وإلى شرقي الحي التجاري الرئيسي، توجد الواجهة المائية للمدينة بأرصفتها الضخمة ومنشآتها الأخرى التي تخدم السفن المتجهة للمحيط. تشغل الأحياء السكنية التي يُسمى الواحد منها باريو معظم الأجزاء الشمالية الغربية والشمالية من بوينس أيريس. ولكل باريو كنائس ومدارس ومحلات خضراوات وأسواق لحوم ومخابز خاصة به. وأفخم باريو في بوينس أيريس وأكثر أحيائها غنى بالألوان هو لابوكا الشهير بمساكنه البراقة الطلاء ومطاعمه الإيطالية الممتازة. وفي بوينس أيريس العديد من المتاحف والمكتبات، من بينها المتحف الوطني والمكتبة الوطنية، ومسرح كولون، الذي يُعدّ أحد أرقى دور الأوبرا في العالم. كما توجد بها جامعة بوينس أيريس. السكان. يسمى سكان بوينس أيريس بورتينوز (سكان الميناء). وحوالي ثلاث أرباع هؤلاء من أصل أسباني أو إيطالي. وتضم الجماعات السكانية الأخرى أسلاف المهاجرين الإنجليز والفرنسيين والألمان واللبنانيين والسوريين والبولنديين واليهود الروس. وفي معظم الأحياء يتألف السكان من مزيج من الجماعات القومية. يتحدث جميع سكان بوينس أيريس تقريبًا الأسبانية، اللغة الرسمية للأرجنتين، كما يتحدث العديد منهم لغات أخرى. وتصدر بالمدينة صحف بعدة لغات أجنبية بجانب الأسبانية. ومعظم السكان كاثوليك والباقي يعتنق ديانات أخرى. تمتلك العديد من عائلات بوينس أيريس الثرية قصورًا في الضواحي الشمالية أو بيوتًا فخمة بالقرب من وسط المدينة. غير أن الآلاف من الأسر الفقيرة تعيش في أكواخ خشبية في الضواحي الغربية والجنوبية تزداد مساحة مدينة بونس آيرس على حساب أراضي بامبا المحيطة بها، كما يرتبط تطور بامبا نفسها بمدينة بونس آيرس. وتتصدر كذلك بونس آيرس المركز الأول في البلاد من حيث كونها ميناء بحرياً وتجارياً مهماً، ويتم عن طريقه استيراد المواد الأولية (الفحم، خامات الحديد) والمواد الصناعية وغيرها. ويعد الميناء رئة الأرجنتين، فطاقته التحميلية تزيد على 8 مليون طن سنوياً. ويمر عبره أكثر من 75٪ من التجارة الخارجية للبلاد وجميع المسافرين تقريباً، وتنقل عبره المواد الحيوانية المصنعة، كاللحوم والجلود والمواد الصناعية. وصار الآن وصول البواخر الكبيرة إلى رصيف الميناء من الأمور الممكنة، وذلك بفضل الأعمال المستمرة في تعميق قنوات العبور في نهر لابلاتا. ويزيد في أهمية المدينة تطور الصناعة فيها، التي تعتمد على سعة السوق وتمركز رؤوس الأموال وتوافر الأيدي العاملة المتنوعة في المدينة.
خريطة قديمة لبوينس آيرس سنة 1563
خريطة ألمانية لبوينس آيرس سنة 1888
أسس المستوطنون الأسبان بوينس أيريس في عام 1536م، ولكنهم غادروها بعد مضي خمس سنوات نتيجة للهجمات الهندية، وأعادت مجموعة من المستوطنين من باراجواي بقيادة جندي أسباني يدعى خوان دي جاراي بوينس أيريس عام 1580م. في عام 1776م، وحّدت أسبانيا مستعمراتها في جنوب شرقي أمريكا الجنوبية في مستعمرة واحدة كبرى يحكمها موظف يُسمى نائب الملك. وأصبحت بوينس أيريس العاصمة وبدأت تزدهر بصفتها ميناء. وفي أوائل القرن التاسع عشر، تفاقم استياء الزعماء المحليين من الحكم الأسباني، ومن ثم أصبحت المدينة مركزا لحركة تحرير أمريكا الجنوبية. وشكّلت بوينس أيريس حكومة خاصة بها في عام 1810م وأعلنت المناطق الأخرى التي كان نائب الملك يحكمها استقلالها عن أسبانيا عام 1816م. وكوّن حكام بعض هذه المناطق اتحادا تطوَّر إلى دولة الأرجنتين في منتصف القرن التاسع عشر. وأُعلنت بوينس أيريس عاصمة رسمية عام 1880م. وفي أواخر الخمسينيات من القرن الثامن عشر، تدفقت أعداد كبيرة من المهاجرين إلى الأرجنتين قادمين من أوروبا وغيرها. وارتفع عدد سكان المدينة من حوالي مائة ألف نسمة في عام 1850م إلى مليون في عام 1900م. وتعتبر الفترة ـ من الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي وحتى الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي ـ العصر الذهبي لبوينس أيريس حيث شهدت تلك السنوات بناء طرق فسيحة ومبان عامة فخمة. وأصبحت بوينس أيريس إحدى أجمل المدن وأكثرها عصرية في نصف الكرة الغربي والمركز الثقافي لأمريكا اللاتينية. تقلصت الهجرات من الدول الأخرى إلى بوينس أيريس منذ الثلاثينيات من القرن العشرين، غير أن عدد سكان المدينة واصل نموه بسرعة. ففي كل عام، ينتقل الآلاف من الأرجنتينيين من المناطق الريفية إلى المدينة بحثًا عن عمل، وارتفع عدد سكان المنطقة الحضرية من أربعة ملايين ونصف المليون نسمة في الأربعينيات من القرن العشرين إلى حوالي 11 مليون في أوائل التسعينيات من القرن نفسه، وعجزت الصناعة عن استيعاب جميع الوافدين الجدد مما أدى إلى انتشار الفقر على نطاق واسع وتفاقم مشكلات الإسكان والنقل بالمدينة.