كيف يكون الحوار مع النفس
يمر المرء في تفاصيل حياته بلحظات يتحدث فيها مع نفسه، كأن يحدث ويدخل في جدال مع شخص وبعد الانتهاء يدور في ذهنه شريط الجدال مرة أخرى ويحاور نفسه، ويقوم بإعادة الحوار مع إضافة عبارات كان يتمنى أن يقولها وقت الجدال الأصلي. ويبقى المرء على هذا المنوال الذي يولد أحاسيس سلبية قوية.
التعبير بصراحة والجهر بالقول للحديث مع النفس، سواء بصوت مرتفع مع نفسك بكلام سيئ أو أفكار سلبية تؤدي لتوليد طاقة سلبية كبيرة وأضرار صحية منها ضغط الدم. أو بحوار سلبي عن نفسك مع طرف آخر؛ الذي يؤدي لأضرار بالغة الخطورة وتوليد أحاسيس سلبية هدامة تقلل من أداء أدوارك في جميع مجالات الحياة.
التحدث للذات بطريقة سلبية يبرمج العقل بإشارات سلبية تستقر وترسخ في العقل الباطن وتصبح عادات.
يقول العالم الألماني غوته “اشد الأضرار التي يمكن ان تصيب الإنسان هو ظنه السيئ بنفسه”.
وفي حديث شريف يقول الرسول عليه الصلاة والسلام “لايحقرن أحدكم نفسه”. يقول آرنس هولمز في كتابه النظريات الأساسية لعلم العقل “أفكاري تتحكم في خبراتي، وفي استطاعتي توجيه أفكاري”. ويقول مرايانو يليامسون “في استطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة برمجة حاضرنا”.
فالعقل الباطن يحتفظ بالرسائل الإيجابية التي تدل على الوقت الحاضر، فيحسن من مجريات حياته.
القواعد الخمس
لبرمجة عقلك الباطن:
(1) يجب أن تكون رسالتك واضحة ومحددة.
(2) يجب أن تكون رسالتك إيجابية.
(3) يجب أن تدل رسالتك على الوقت الحاضر.
(4) يجب أن يصاحب رسالتك الإحساس القوي بمضمونها.
(5) يجب أن تكرر الرسالة عدة مرات.
ويمكن اتباع الخطة التالية ليكون التحدث مع الذات ذا قوة إيجابية:
(1) دوّن على الأقل خمس رسائل ذاتية سلبية لها تأثير عليك.
مثل (أنا عصبي، أنا ضعيف). والآن مزق هذه الورقة التي بها الرسائل السلبية والق بها بعيدا.
(2) دوّن خمس رسائل ذاتية إيجابية تعطيك القوة وابدأ بكلمة أنا.
مثل (أنا ذاكرتي قوية – أنا إنسان ممتاز).
(3) دوّن هذه الرسائل الإيجابية في مفكرة صغيرة واحتفظ بها معك.
(4) والآن خذ نفساً عميقاً واقرأ الرسالة الواحدة تلو الأخرى إلى أن تستوعبهم جيداً.
(5) ابدأ مرة أخرى بأول رسالة وخذ نفساً عميقاً واطرد أي توتر داخل جسمك – اقرأ الرسالة الأولى عشر مرات بإحساس قوي – اغمض عينيك وتخيل نفسك بشكلك الجديد ثم افتح عينيك.
ماذا يعني الحديث مع النفس؟
وسيلة مساعدة على التعاطي مع الكثير من شؤون الحياة
من المعروف أننا جميعًا نتحدث مع أنفسنا، على مدى مراحل العمر، نقيم حوارًا صامتًا تتخلّله أحيانًا كلمات مسموعة تقارب التمتمة.
الاختصاصيون النفسيون يصفون هذا النوع من الحوار بالحديث الداخلي، ويعتبرونه وسيلة مساعدة على التعاطي مع الكثير من شؤون الحياة. هذا في حال عدم تخطّيه حدود المعقول.
ماذا يعني الحديث مع النفس ولماذا يعطى هذا القدر من الأهميّة؟
أوجه الحديث الداخلي
من الصعدب تحديد معنى واضحًا للحديث مع النفس، لكن الاختصاصيين النفسيين يعتبرونه تجربة واعية وضرورية للتعامل مع الذات والغير.
تبدأ هذه التجربة منذ أعوام الطفولة الأولى، حيث يقيم الأطفال أحيانًا وخصوصًا في أثناء اللّعب، حوارًا داخليًا بصوت مسموع. وهي ظاهرة ليست بمستغربة، باعتبارها إحدى المحفّزات الطبيعيّة المساعدة على التأقلم مع المحيط الخارجي.
بالنسبة الى الكبار، تركّز الدراسات الحالية على فائدة الحوار الداخلي، أو التفكير بالكلمات، وذلك على صعيد حلّ المشاكل العالقة، وتأمين الحوافز، والتخطيط للمستقبل، وتعلّم اللغات والاستفادة من الأخطاء.
هذا بالنسبة إلى الأشخاص العاديين، لكن المفهوم يتغيّر في حال وجود الأمراض النفسيّة. هنا يتّخذ الحديث الداخلي منحى مختلفًا، وهو ما سنتطرق إليه لاحقًا، آخذين بعين الاعتبار ملاحظات الاختصاصيين النفسيين وتفسيرهم لانعكاسات الحديث الداخلي بمختلف أبعاده.
بالعودة إلى الأصحاء، يعتبر هذا النوع من الحديث، على الرغم من الصمت الذي يغلّفه، ضرورة ملحة على أكثر من صعيد. أما أهميته، فتمكن في مقدرته على لملمة خيوط التجارب الحسيّة عبر نسيج الوعي، الأمر الذي يقرّبنا من معرفة ذواتنا على نحو أعمق وأوسع. ومن هنا القول: لمعرفة أنفسنا علينا التحاور معها.
حديث النفس أهمية الحوار الداخلي مع الذات
يتعرض الإنسان بشكل يومي إلى حالات عاطفية مختلفة من غضب وتوتر وفرح وحماسة..
وهذه الحالات العاطفية يتأثر بها الإنسان من الأشخاص الذين من حوله ومن خلال البيئة التي يعيش فيها ، ومن خلال نفسه...
ويحب الإنسان من وقت لآخر اللجوء للطبيعة للاستفراد بذاته بعيداً عن الضوضاء للتقليل من الشحنات السالبة التي يمكن أن يشحن بها نفسه من خلال تعامله مع الآخرين، فالطبيعة من أشجار وهواء تصفي الذهن وتمد الإنسان بطاقات إيجابية جديدة.
وكثيراً ما نضطر إلى إخفاء مشاعرنا حتى لا يترتب على إظهارها عواقب سلبية، نندم عليها لاحقاً، ومثال على ذلك التصرف بأسلوب عدائي في ساعات الغضب، أو التعبير بأريحية عن مشاعرنا أمام الناس، فيسيئون الحكم علينا. فالإنسان بطبيعته يشعر بارتياح عند إخفاء مشاعره الخاصة، وبخاصة مشاعر الانتقاد والكراهية ، والحب والإعجاب التي يكنها إلى شخص ما. وتختلف دوافع إخفاء تلك المشاعر من شخص إلى آخر، وتبعاً للظروف والأحداث.
ولكن أين تذهب كل تلك المشاعر والأفكار المخفية؟ !
تُخزَّن الأفكار بشكل تلقائي وفوري داخل العقل الباطن في الإنسان، ويبدأ هذا العقل بخلق شخصية بديلة للواقع تبادلك الحوار وتتجاوب معك! فما تلبث إلا أن تجد نفسك في حوار داخلي مع شخصية صريحة، معاتبة، صادقة وتعرفكَ تمام المعرفة، وهذا الشخص لا يخجل من انتقادك أو التعبير عن مشاعره بحرية، ولا تخجل أنت من تأنيبه أو التعبير عما يجول في فكرك أمامه، فتجد فيه الصديق الوفي الذي يمكنك أن تبوح له دون أي خوف أو قلق أو خجل.
فهل نعي مقدار أهمية الأحاديث الداخلية وأثرها على حياتنا وسلوكياتنا والحالة العاطفية التي نشعر بها ؟!
للحديث مع النفس أهمية جوهرية ذات تأثير قوي وشديد الحساسية، فالحديث مع الذات هو فكرٌ قائم بحد ذاته، ومن أدرى بنا أكثر من أنفسنا؟
فنحن نستخرج مكنونات رغبات النفس (من أفكار ومشاعر)، بشكل يومي وطبيعي. نشكو إلى نفسنا نسألها، نعاتبها، نعترف لها، ونسمع لنصيحتها. وبالتالي يكون تأثيرها على أفعالنا كتأثير التنويم المغناطيسي، وفي كثير من الأحيان دون وعي منا بهذا التأثير. فيتحول هذا الفكر من حديث مع النفس إلى أفعال، وما يلبث أن يصبح عادة يمارسها الشخص كل يوم، تحدد طباعه، الهدوء، الحدّية، العصبية، القلق..
ومن هنا وجب علينا التعرف على سيناريوهات حديث النفس، حتى نتمكن من فهم طباعنا والتحكم بانفعالاتنا.
صقل السلوك الإنساني ينجح بالتحكم الذكي واللطيف بالانفعالات، وهذا التحكم يحتاج إلى عدة مهارات إنسانية تحتاج التدريب ونلخصها في:
رفع مستوى الوعي بالذات.
التعرف على الحوارات الداخلية مع النفس إن كانت إيجابية أم سلبية.
الفهم الصادق والجريء للرغبات والاحتياجات التي نشعر ونفكر بها.
برمجة الحديث مع النفس ليكون إيجابياً يُحاكي الرغبات الشخصية، ولا يدمرها.
رسم صورة إيجابية للذات أمام نفسها وأمام الآخرين.
شحن الذات للابتعاد السلبيات ، واكتساب إرادة أقوى نحو السلوك الإيجابي وتحقيق الغايات ...
يؤثر العقل الباطن كثيراً على أفكارنا وسلوكياتنا وانفعالاتنا وتعبيرنا عن أحاسيسنا ومشاعرنا. وبما أن الأحلام هي المترجم الفعلي للعقل الباطن كما يقول فرويد فكثيراً ما نرى في المنام أموراً نتمنى في واقعنا الوصول إليها.
وبالتالي فالعقل الباطن يختزن الرغبات والمشاعر والأفكار الدفينة التي نحاول إخفاءها في حياتنا الواعية، إلى حد نجحنا في إخفائها عن أنفسنا. فلم نعد نعرف تماماً ما يختزنه هذا اللا وعي، وما هي الرسائل التي يستقبلها ويخزنها. ويعتمد العقل الباطن على نوع الرسائل المختلفة الموجهة إليه مهما كانت (إيجابية أم سلبية). فهل للإنسان قدرة على التأثير في العقل الباطن؟
إن الحديث مع النفس من أفضل الطرق التي يستطيع الإنسان التأثير بها على عقله الباطن وبالتالي التأثير على التفكير والشعور والسلوك.