ليس منا في قوله صلى الله عليه وسلم
ليس منا من لم يرحم صغيرنا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا)”، وهذا الحديث يرشدنا إلى كيفية التعامل مع الصغير بالرفق والرحمة، والتوقير والتعظيم للكبير، وبالتالي فإن من لا يتصف بذلك فقد خالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي شرح الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا) أي ليس على طريقتنا وهي كناية عن التبرئة، وقوله: (من لم يرحم صغيرنا)؛ أي من لا يكون من أهل الرحمة لأطفالنا، وقد يكون صغيرا في المعنى مع تقدم سنه لجهله وغباوته وخرقه وغفلته فيرحم بالتعليم والإرشاد والشفقة، وقوله: (ولم يوقر)؛من التوقير أي لم يعظم، وقوله: (كبيرنا)؛ فهو شامل للشاب والشيخ؛ لما خص به من السبق في الوجود وتجربة الأمور.
ومما يجدر معرفته أن مقصود الحديث ومراد أهل العلم بقولهم ليس على طريقتنا أو ليس مثلنا؛ أنه ليس مثلنا في هذه الخصلة ولا يقصد أنه لا ينتمي للمسلمين، إذ أن مرتكب هذا الذنب ليس كافرًا. [2]
كيفية رعاية الصغير باتباع الرحمة والعطف
تعليم الطفل منذ وقت مبكر جدًا أن الأمور لا يمكن أن تسير كما يريد، وألا نعطيه مثلما يطلب؛ حيث أنه لابد أن يتعود ترك بعض رغباته، حتى يعتاد على العطاء، وأن يقسم لعبه مع زملاءه.
الاقلاع عن رشوة الطفل، وتبديل الوعود التي نعرف أننا لن نستطيع الوفاء بها.
مساعدة الطفل على استكمال استقلاله، وتحمل المسؤولية في سن مبكر، و تركه ليحاول، ويخفق، إن استلزم الأمر ذلك حتى يتعلم من أخطائه.
كون كلا الوالدين رفيقـًا بالطفل صديقـًا له، محلًا لثقته.
تنشئة الأطفال على أن الوالدين جبهة واحدة تعمل على توجيه الطفل، فإن نشب بينهما خلاف فليلتمسا له الحل بعيدًا عن الطفل.
العمل على إعداد الطفل لمواجهة واقع الحياة، حتى ينمو الطفل وقد تهيأ لمواجهة أحداث الحياة.
توزيع الوالدين الحب والعطف والرعاية على جميع الأبناء.
تخصيص الوالدين وقت للأبناء.
تجنب استخدام الألفاظ الدالة على المنع؛ مثل ” عيب ” أو ” لا يصح “، في الوقت الذي لا يستطيع فيه الطفل إدراك معاني هذه الكلمات.
تجنب فرض التزامات جديدة على الأطفال بشكل مفاجئ، لكن يجب مراعاة التدرج في القاء المسؤوليات على عاتقهم، بما يتناسب مع مستويات نموهم.
الحرص على أن يكون الآباء قدوة لأبنائهم، فإن شخصية الطفل إنما هي نتاج لتفاعله مع من يحيطون به، ويبدأ هذا التفاعل مع الوالدين. [3]
مواقف نبوية تتجلى فيها الرحمة بالصغير
إن نظرت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في مواقفه مع الأطفال، رأيته أحسن الناس تربية، وأكثرهم عطفًا وحنانًا. وهنا نذكر عدة مواقف من سيرته العطرة – صلى الله عليه وسلم – مع الصغار، تظهر مدى رحمته بالأطفال:
رحمته بحفيديه الحسن والحسين
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: “(خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في طائفة النهار لا يكلمني ولا أكلمه، حتى أتى سوق بني قينقاع، فجلس بفناء بيت فاطمة ، فقال : أثم لكع أثم لكع (أين الحسن )؟! .. فحبسته شيئا(أخرته) فظننت أنها تلبسه سخابا (قلادة) أو تغسله، فجاء يشتد حتى عانقه وقبله، وقال : اللهم أحبه وأحب من يحبه)”.
تقديمه للطفل في حقه
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ : “( .. أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُتِيَ بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟، فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا، قال: فتلَّه (وضعه في يده) رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ )”( البخاري ).
وفي ذلك إشارة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهمية رعاية الطفل، وإعطائه حقه، وإشعاره بقيمته، وتعويده اعلى إبداء رأيه في أدب، وتأهيله للمطالبة بحقه.
رحمته بحفيدته أمامة بنت أبي العاص
لما ماتت أمها زينب أشفق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليها وحنَّ لها، فكان يخرج بها أحيانًا إلى المسجد فيحملها وهو في الصلاة، فإذا سجد وضعها على الأرض، وإذا قام حملها على كتفه. [4]
كل ما سبق من الأخلاق النبوية الشريفة تدل على أهمية رعاية الأطفال وتنشأتهم في جو تسود فيه الرحمة والألفة، وأن نتذكر دائمًا حديث نبينا الشريف صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يرحم